تروي أم سلطان (55 عاما)، وهي ربة منزل «شرعت خادمتنا في الهروب واستماتت لتحصل على إقامتها وجواز سفرها، فحملت زجاجة الصويا بعد كسرها، وقامت بجر ابنتي واضعة الزجاجة المكسورة عند عنقها، وهددتني بقتل ابنتي إن لم أسلمها إقامتها وجواز سفرها، فخضعت لطلبها، وما أن همت بالخروج من البيت إلا وقامت برمي الزجاجة على وجه ابنتي التي خضعت إلى أكثر من ثلاث عمليات جراحية تجميلية».
وحكاية زينب إسماعيل، ليست غريبة على المجتمع الذي أعطى للخادمة كل حقوقها على عكس الكفيل ـ بحسب قولها ـ «بعد 3 أشهر من عمل الخادمة لديّ، علمت بأنها تنوي الهرب، فأرسلتها إلى مكتب الاستقدام الذي وعدنا بتوفير خادمة بديلة في اقرب وقت، في حين أن خادمتنا ظلت في المكتب تعمل بنظام الساعات من بيت لآخر يؤجرها المكتب، إلى أن تم القبض عليها من قِبل الجوازات بمدينة ينبع».
القصة لم تتوقف هنا، لأن الخادمة اتهمت كفيلها بأنه كان سببا في هروبها من البيت، لعدم تسليمها أجرها لمدة سنة، كما زعمت أمام الجهات المختصة، وهنا كان على زوجها (الكفيل)، دفع رواتب الخادمة، أو دفع غرامة مالية كبيرة، وقد يسجن لسماحه لخادمته بالهرب والعمل من بيت إلى آخر.
أما فوزية عطيم، فقد سجلت خادمتها أسرع هروب في التاريخ، بعد أقل من ساعتين من قدومها إلى مطار الملك عبد العزيز في جدة، وذلك بعد أن طلبت من كفيلها الذي كان يقود السيارة لإيصالها إلى البيت قارورة ماء، فعندما نزل لشراء الماء فتحت الباب وهربت.
مسلسل هروب الخادمات من منازل السعوديين أجبرت البعض على اتخاذ احتياطات احترازية طوال الوقت، في محاولة لضمان عدم هروب الخادمة كوضع قضبان حديدية على النوافذ أو استبدالها بستائر كهربائية، وإخفاء مفتاح البيت عن أنظار الخادمة، ودخلت التقنية في تلك الإجراءات بوضع كاميرات منزلية، لتظل حكايات هروب الخادمات ساخنة في كل مجلس نسائي في السعودية، وتتسلل تلك الحكايات لمجالس الرجال على سبيل المواساة عن تلك الخسائر التي يتكبدها الكثير من أرباب الأسر في عملية الاستقدام قبل رحلة الهروب.
ولكن حتى تلك الاجراءات لم تحد من هروب خمسة خادمات على التوالي من بيت أم يزن، التي تقول «قد يعتقد البعض أن هروب هذا العدد الكبير من بيتي دليلا على سوء المعاملة، ولكن كيف هي الحال وثلاثة ممن هربن لم يمضين في بيتي أكثر من أسبوع، حيث يتبين لي بعد هروبهن أن النية كانت مبيتة لديهن، وجل ما كن يحتجنه هو الوصول إلى السعودية وانتهاز أول فرصة للهروب لتحقيق تلك الأمنية.
وتضيف أم يزن، الأولى هربت بعد 24 ساعة من وصولها، حيث وضعت ملابسها داخل كيس بسلة المهملات، وعندما شرعت في مناولة السلة للسائق لنقلها إلى صندوق الحاويات الرئيسي، دفعته وجذبت كيس ملابسها بيدها وانطلقت مسرعة إلى الشارع وسط ذهول السائق وأبنائي الصغار.
أما الثانية والثالثة فكانت طريقة هروبهما متشابهة وإن شابها بعض الاختلاف، حيث تسللت الأولى من الشباك بعد ثلاثة ايام من وصولها، معتمدة في هروبها إلى الشارع على المواسير المحاذية لشباك دورة مياهها. فيما كان هروب الأخرى عبر الشرفة (البلكون) المطلة على الشارع الرئيسي، بعد أن ربطت مجموعة من أغطية الأسرة بالعقود المزينة للستائر ، وتسللت بها إلى الشارع قبل صلاة الفجر.
وأضافت أم يزن، أما الباقيات فكان هروبهن بعد أن اختلطن ببنات جنسهن في أحد المراكز التجارية، حيث لاحظت تغيرا في تصرفاتهن، وعند أول فرصة سنحت لهن للهروب لم يوفرن ذلك، حيث تركت الأولى أبنتي الصغيرة التي كانت ترافقها عند أحد الألعاب وفرت هاربة، فيما فرت الأخرى من السيارة بعد توقفها عند أحد الاشارات الضوئية.
أم عادل الجهني، (60 عاما) فتقول أن هروب خادمتها من بيتها أفزعها، حيث تمكنت الخادمة من إخراج جسمها الممتلئ نوعا ما من حديد الشباك ذو الفتحات متوسطة التباعد، بعد أن دهنت كامل جسمها بالكريم (فازلين) حتى يسهل خروج جسمها من الفتحات، مضيفة أنها لولم تشاهد أثار الكريم وقد لطخ حديد الشباكـ لكانت أعتقدت أن الخادمة بها مس من الجن.
الشاهد أن قصص هروب الخادمات في السعودية التي بدأت تأخذ أبعادا سينمائية، أصبحت ثقافة عامة تتداولها الخادمات في سبيل البحث عن فرصة ذكية للنفاذ خارج أسوار المنزل، وتتداولها ربات البيوت لفهم آخر ما توصلت له حيَل الدهاء في سبيل المحافظة على الخادمة التي كلفت الكثير ويعتمد عليها في أداء معظم الواجبات المنزلية.
الجمعة سبتمبر 12, 2008 7:45 pm